" .. غوبلز
ناعيا بودريار"
بـقـلم: أ. مريم ضربان، أستاذة في علوم الإعلام والاتصال
لم يكن "الفوهرر" على استعداد لخسارة
مخططاته الذهانية، إذ يحتاج النجاح "المجروح" في أوقات ممتدة واستثنائية
إلى الإيمان المطلق بالعقيدة المكيافيلية "كل الطرق مشروعة لأجل الغاية"،
ماذا لو كانت إحداها آليات الكذب "المجيد"، والحق أنه، لولا غوبلز J.
Goebbels الذي
نفث في أذنه سحر القولة: " اكذب – اكذب اكذب حتى يصدقك الناس" ما كان
ليعرف كارل غوستاف يونغ C. Gustav Jung بالحقيقة السايكو للرجل .. أنه مريض السيودولوجيا، سيودولوجيا فانتاستيكا ..
يقف على ناصية التنظير جان بودريار J.
Baudrillard يرافع بالقولة الموازية
"حرب الخليج لم تقع" أراد إفشاء لعبة الزيف وإستراتيجية بعث واقع مصحّر
من واقع فعلي ميت، تسعى الميديا إلى إخفاء جثته لصالح ذكراه، ليصبح النسيان مشاركا
في الحدث، ونحن كـ"بُله"-أحيانا- نصفق للموات. ولا تهمنا إلا حقائق
الميديا المزعومة، شككت منذ أيام في مغالاة الرجل النظرية، ففي كتابه حول التبادل
المستحيل والفكر الجذري، والاصطناع والمصطنع، يطرح فكرة مفادها أن الشر عصاب
عصرنا، إذ نعيش عنفا جرثوميا معديا من خلال الصورة، ساعية إلى التضليل، والآن
أمنت، لو كان حيا لاهتم بالتضليل الرقمي، أو مات قهرا من الغوغائيين كما مات إيكو U.Eco .
إن مفهمة العنف الرمزي للميديا وللواقع الافتراضي لا
تحيي الرجل فقط في أذهان البحث العلمي، وفي النظر للظواهر المهجنة وفي كل ما
تتقاذفه مواقع التواصل، بل تجعله يحيي معه غوبلز الذي قال مرة " يقول الحقيقة
من يقول أولا" بالأحرى: "إن من يقول الكلمة الأولى للعالم على حق دائما"، متفوقا على حق التصويب وعلى الزمن
نفسه، مادام منطق تداول الوفرة الكاذبة يحقق لعنة الدوق ويلينغتون wellington " Publish and be damned
في قناة الـ BBC الناطقة بالعربية، تقرير أو روبورتاج، لم تعد
تسميته ولا قالبه ولا هرمه ولا مدته، مهمة أبدا، مادام مصدره في غيابات الشك، تساقط
الثلج على ولاية المسيلة الجزائرية، رغما عنك يجب أن تصدق، يجب أن يتوقف الحديث عن
الأخبار الكاذبة عندما تدوس هذه الـ" الكذيبات" بساط أعتى المؤسسات
الإعلامية "صدقية"، لقد تمت شرعنة الكذبة، فالانتشار المرئي أهم من
الصدق، ثم كيف يمكن التأكد منها إذا كان الخبر نصفه حقيقي والآخر كذبة؟ عاصفة
رملية تعايش الثلوج .. !!،
يحتاج الأمر "لغة وجدانية" ثم يجب
الاستناد إلى حقيقة أخرى: "تقلبات الطبيعة أو لعنة الاحتباس الحراري"،
ستمنح هذه الحقائق العلمية والموضوعية والعاطفية سندها لتلبيس الخبر بما يحتاجه
الشكّيون، كمغالطة منطقية، هنا نتحول في حياتنا نحو مسلّمة " الكذب
الصادق".
لا غرابة أننا نحارب اليوم "على ناصيتنا" في
المدرجات الجامعية، لحماية أصالة "المعلومة- النبأ" التي جعلت دومينيك
فولتون D.Wolton يفرّق من خلال جودتها بين الصحافي من الـ
"الطفيلي"، لشرح نكبة الميديا
الهشة، والحاجة إلى الصحافة المتأنيةslow
journalism كخلاص من عواصف "صحافة التيربو turbo" ونهم السبق المرضي،
جميل أن هارتموت روزا H.Rosa يكمل قتال بودريار من ناصيته السوسيولوجية على
أنه يقف على ناصية الفلسفة بالتسارع.
وإذ ذاك، لقد نقل "الفوهرر" لعنته للميديا
مصيبا إياها بالسيودولوجيا، أي" أن تكذب وتصدق كذبتك، وفي لحظة من الكذب تنسى
أنك تكذب".
تعليقات
إرسال تعليق