التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أهم ثمانية كتب حول نظريات علوم الإعلام والاتصال

باديس لونيس

كثرت في الآونة الأخيرة حركة التأليف في مجال علوم الإعلام والاتصال بتخصصاته المختلفة في المنطقة العربية، ولكن مع هذه الحركة والحركية يبقى مجال نظريات الإعلام والاتصال يحتاج إلى مزيد من الاهتمام. ليس من ناحية الكم فقط ولكن من ناحية الكيف بشكل خاص. لأن ما يُنتج هنا وهناك صار مبتذلا بشكل واضح، بل إن الكثير من الذين استسهلوا هذا المجال لم يكلفوا أنفسهم عناء إضافة أي شيء جديد حتى ولو كان من باب تنويع المراجع أو من باب التحليل والنقد، ما يفتح الباب واسعا حول التساؤل عن جدوى التأليف مادام صاحبها يجتر ما هو موجود أصلا من دون إضافة؟ هذا فضلا عن الحديث عن السرقات العلمية الموصوفة وذلك موضوع آخر.

في هذا السياق يجد الطلبة أنفسهم في حيرة من أمرهم حول الكتب التي ستفيدهم أكثر، والتي من المفترض أن يثقوا في محتوياتها وفي قدرتها على إثراء معارفهم وفتح آفاق تفكيرهم وخلخلة اليقينيات المترسخة لديهم.
لذلك تأتي هذه المحاولة لتصنيف أهم ثمانية كتب في مجال نظريات علوم الإعلام والاتصال باللغة العربية أو المترجمة إليها، من وجهة نظري؛ التي تبقى محاولة شخصية تستند إلى قراءة شخصية يمكن الاختلاف معها، أو إضافة عناوين أخرى إليها:

8- عماد حسن مكاوي وليلى السيد: الاتصال ونظرياته المعاصرة:

يعتبر كتابا مهما للمبتدئين؛ يقدم تصورا عاما وشاملا لموضوعي الإعلام والاتصال والمجالات الأخرى المرتبطة بهما، اشتمل على 14 فصلا تناولت؛ الاتصال ومفهومه وأنواعه، وظائف الاتصال، مراحل تطور الاتصال والمعروفة بنظرية الانتقالات، الاتصال وتفسيره من وجهة النظر النفسية الاجتماعية، كما يعرض الكتاب لبعض النظريات المهمة في الاتصال مثل؛ نظريات التأثير المعتدل، نظريات التأثير القوي، نظريات المعرفة، النظريات المفسرة للعنف في وسائل الإعلام، وفي النهاية يتناول الكتاب آثار وسائل الإعلام.

7- محمد عبد الحميد: نظريات الإعلام واتجاهات التأثير:

كتاب مهم جدا، يكاد لا يغيب عن قائمة المراجع في المذكرات الجامعية بمختلف مستوياتها في كامل المنطقة العربية، ولا يستغنى عنه في تحضير المحاضرات الأكاديمية الموجة لطلبة الإعلام والاتصال في مختلف الجامعات.
وجاء في مقدمة الكتاب: يهدف هذا الكتاب في فكرته ومنهجه إلى عرض العلاقات والتأثيرات الخاصة بعملية الإعلام، من خلال النظريات والتعميمات والفروض العلمية التي صاغت الاتجاهات الخاصة بهذه العلاقات والتأثيرات. وتناول هذه النظريات في تقريرها لحركة عناصر العملية الإعلامية في علاقتها ببعضها البعض. في إطار السياق العام والخاص. وتأتى الطبعة الثالثة  مزيدة بفصل كامل يتناول الاتصال الرقمى بكل أبعاده الفكرية والتطبيقية في إطار عملية الإعلام ووسائلها وبصفة خاصة الصحافة الرقمية والتليفزيون التفاعلى. وتناول هذا المفهوم في علاقته بالفكر الاتصالي بصفة خاصة، ودراسة تأثيرات الاتصال الرقمي في ضوء نظريات الإعلام وتأثيراتها.

6- جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام:

هذا الكتاب يمكن اعتباره أحد الكلاسيكيات في علوم الإعلام والاتصال في المنطقة العربية، ألفته الدكتورة جيهان رشتي سنة 1978. وتكفي نظرة سريعة في فهرس المراجع المعتمدة لمعرفة الأهمية الكبيرة لهذا الكتاب، فقد اعتمدت الباحثة على عشرات الكتب الأولى في الإعلام والاتصال للرواد الأوائل في هذا المجال.
ويمكن العثور على الكثير من التفاصيل المهمة لمن يبحث عن معرفة تعطي صورة عن التلقي العربي لهذا العلم في بداياته. فالكتاب فضلا عن انه مهم علميا، هو أيضا يؤرخ للبدايات الأولى في البحث الإعلامي في المنطقة العربية.

5- فريال مهنا: علوم الاتصال والمجتمعات الرقمية:

كتاب عميق بأتم ما تعنيه الكلمة، استعانت الباحثة لتأليفه بمجموعة كبيرة جدا من المؤلفات بلغات مختلفة ومن تخصصات ومرجعيات فلسفية وعلمية متعددة. يعتبر مرجعا لا يُستغنى عنه لمن يهدف إلى التعمق في خلفيات نظريات علوم الإعلام والاتصال.
ويطرح هذا الكتاب حسب مقدمته، من خلال خلفيات تاريخية وضمن إطار سياقات فكرية واجتماعية تواكب سيرورات المنظور الاتصالي، أهم الأدوات والمناهج القاعدية حول إمكانيات استخدام مميزات النصية الإلكترونية الممنهلة في محاولة أولى لإدخال ه\ا الجانب من الوقائع التقانية الجديدة في صميم الموسوعات المعرفية لعلماء الإسلام المتنور وللنخب الفكرية العربية والإسلامية.

4- عبد الرحمن عزي: الفكر الاجتماعي المعاصر والظاهرة الاتصالية:

يعتبر هذا الكتاب في غاية الأهمية لمن يبحث عن أرضية ابيستمولوجية عميقة يقف عليها. لأنه يتطرق بشكل مفصل إلى أهم المدارس الغربية الحديثة في مجال الفكر الاجتماعي عموما وتطبيقاتها في مجال علوم الإعلام والاتصال، تتمثل هذه المدارس في: التفاعلات الرمزية، الظاهراتية الاجتماعية، البنيوية، والنقدية.
الكتاب للأسف نادر في المكتبات، ولكن يبقى كنزا كبيرا، سيغير الكثير في من كان محظوظا واطلع عليه.

3- ميلفين ديفلير وساندرا روكيتش: نظريات وسائل الإعلام (ترجمة كمال رؤوف):

رغم أن الكتاب قديم نسبيا، ونسخته المترجمة كذلك، إلا أنه يبقى مرجعا أساسيا في الفضاء الأكاديمي العربي في مجال علوم الإعلام والاتصال عموما وحول نظريات الإعلام خصوصا. استند ولا يزال يستند عليه الكثير من الباحثين والأكاديميين في كامل المنطقة العربية. ورغم انه يعاب عليه بعض الترجمات غير الدقيقة لبعض المفاهيم المتخصصة إلا أنه يبقى مفيدا جدا للمتخصصين أساتذة وطلبة الباحثين عن خارطة ذهنية شاملة لنظريات الإعلام والاتصال ومرجعياتها الابيستمولوجية، وتطور وسائل الإعلام في السياق الأمريكي بالخصوص.

2- أرمان وميشال ماتلار: تاريخ نظريات الاتصال (ترجمة نصرالذين لعياضي والصادق رابح):

هذا الكتاب من أهم الكتب التي قرأتها لحد الآن حول نظريات الاتصال ومن أمتعها، فهو يأخذك في حفريات عميقة إلى نشأة الأفكار بأسلوب مليء بالتشويق والسلاسة والإثارة الفكرية، كما أن اعتماد المؤلف على حوالي ثلاثمائة مؤلّف يجعل منه مرجعا مهما وشاملا لكثير من التخصصات فضلا عن تخصص الإعلام والاتصال.
في مقدمة المترجمين للكتاب جاء ما يلي: "إن الاهتمام المتجدد بماتلار، يرجع إلى ابتعاد كتاباته عن التجميع والتقرير، وتميزها بالشمولية والتحليل النقدي. فماتلار لا يقف منددا بهذا التيار أو ذاك، بل يأخذ بيد القارئ في رحلة تاريخية استكشافية تفكيكية للأفكار الجاهزة عن الاتصال والتي تشوبها النزعة الطوباوية، منذ 1973؛ تاريخ ميلاد التلغراف، مرورا بالموجات الهرتيزية، والصور الثابتة والمتحركة وصولا إلى الوسائط المتعددة والانترنت".

1-إيريك ميغري: سوسيولوجيا الاتصال والميديا (ترجمة نصرالذين لعياضي):



هذا الكتاب المتكامل والعميق، أراه من وجهة نظري أهم ما تُرجم في هذا المجال إلى اللغة العربية إلى حد الآن.  ولوصفه نكتفي بما كتبه نصرالدين لعياضي في تقديمه له:
إن هذا الكتاب المترع بالأسئلة والتنقيب يُخلخل المكتسبات “المعرفية” في علوم الإعلام والاتِّصَال الراسخة في يقينياتها التي تجتر القول الدائم عن الشيء ذاته بسطحية مفزعة.  إنها الأسئلة التي ألهمها النقاش الثري مع طلبة الإعلام والجدل مع أساتذته في الملتقيات العلمية، وأنضجتها المراجعة النقدية لعشرات المؤلفات النَظَريّة والبحوث الأمبريقية التي جرت  في بلدان عديدة وسياقات ثقافية واجتماعيّة متباينة وأزمنة مختلفة. ومنها انطلق إريك مغري Éric Maigret في تقديم إجابات، بشكل صريح تارة أو ضمني طورا، عن هذه الأسئلة المغيّبة في الدرس الإعلامي العربي، مثل كيف انزاحت البحوث عن وسائل الإعلام عن دراسة التأثير إلى فهم التفاوض بين المنتج و المُتَلَقّي في محاولة استيعاب إستراتيجيات الإنتاج المشترك للمعنى؟ وما هو الفرق بين الدراسات البنيويّة (Structuralisme) والبنائيّة (Constructivisme ) في علوم الإعلام والاتِّصَال؟ وما هي التَّطَوّرات التي شهدتها النظريّات النقدية؟ وأين موطن لقائهما بمدرسة الحتميّة التّقنيّة وافتراقهما؟ وما هي نقاط التقاطع التي تجمع نظرية الاستخدامات والإشباعات (Uses and gratifications) الوظيفية بنظريات الاستخدمات ( Les usages) البنائية؟ ولماذا بلغت الدراسات الثَّقَافِيَّة (Cultural Studies ) الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأسيوية  قبل أن تصل إلى فرنسا وإيطاليا ؟ وماهي الإضافات التى قدمها الباحثون الأمريكيون للدراسات الثَّقَافِيَّة البريطانية؟ وأين تقفالحدود المعرفية للآليات التي تنقل بها السّيمياء فهم العلامات من الحالة العفوية إلى المنطق العقلي، وكيف عولج ” حديثها عن الغائب”؛ أي الجمهور/ المُتَلَقّي/ المستخدم في إطار ما أصبح يعرف بــ “الديمقراطيّة السيمائيّة” أو “حرب العصابات السّيميائيّة” على حد قول جون فيسك John Fiske؟ وغيرها من الأسئلة الجدالية التي ما كان لها أن تُحظى بالتفكير دون مقاربة سوسيولوجيا الاتِّصَال ووسائط الإعلام مقاربة تاريخية وفلسفية.

تعليقات

  1. الحمد لله قرأت خمس من الكتب الثمانية وهي موجودة في مكتبتي

    ردحذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  3. جزاك الله خيرا استاذنا الفاضل .. نحتاج دائما لتوجيهاتك ونصائحك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية

أ.د فضيل دليو جامعة قسنطينة3 مقدمة   من المعروف أن البحوث في العلوم الاجتماعية قد تصنف تبعا لمؤشر طبيعة البيانات المستخدمة إلى بحوث كمية وبحوث كيفية. تَستخدِم الأولى تقنيات كمية مباشرة وتلجأ إلى العد والقياس والإحصاء... أما البحوث الكيفية فهي غالبا ما تخلو من التكميم والقياس، ولا تستعمل التحاليل الإحصائية بل تعتمد على التحليل الكيفي وتركز على الفهم من خلال التفاعل مع الموضوع والظاهرة المدروسة.

"جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها"، كتاب الدكتور قسايسية الجديد

تدعمت المكتبة العربية في الايام القليلة الماضية بإصدار جديد عن دار الورسم للدكتور الجزائري علي قسايسية، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر3. الكتاب جاء تحت عنوان: جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها (من المتفرجين الى المبحرين الافتراصيين).