البروفيسور الصادق رابح
قسم الإعلام، جامعة قطر
· يعتبر البروفيسور نصر الدين لعياضي ناسكا في محراب العلم، ما رأيته إلا قارئا نهما، شغوفا بالعلم، مقبلا على عوالم البحث والتقصي المعرفي، لا يبزه إلا القليل في هذا الميدان. أذكر، وقد كنت حينها طالبا في معهد علوم الإعلام والاتصال (والذي تحول لاحقا الى كلية الإعلام)، أني كثيرا ما رأيته منزويا في إحدى القاعات الدراسية وهو يقرأ هذا الكتاب أو ذاك. وهو "سلوك" لم أعهده عند الكثير ممن درّسنا. هذه الصورة ما زالت عالقة الى اليوم في ذهني. وقد كانت وما زالت مدخلي الى عوالم البروفيسور لعياضي. فهذه الثقافة الموسوعية وهذا الاستيعاب الدقيق والإحاطة بالجديد من المفاهيم والمقاربات والمناهج في حقل الدراسات الاتصالية والإعلامية، والعلوم الإنسانية والاجتماعية عموما، تجد مفتاحها في هذا في كلمات خلدها أهل الصوفية (البسطامي) "لا يزال العبد عارفا ما دائما جاهلا، فإذا زال جهله زالت معرفته." ربما كان هذا شعار البروفسيور لعياضي في علاقته بالعلم.
·
ينتمي
الى قلة من فئة المخضرمين موسوعي الثقافة والحريصين على تجديد عدتهم المنهجية
والمعرفية باستمرار على عكس بعض مجايليه، الذين توقف بهم الزمن في سياقات زمنية
ومعرفية تم تجاوزها.
·
يجمع
بين بين التأليف والترجمة. وقد خبرته في هذا الميدان، فوجدته نعم الباحث الحريص
على تنزيل المصطلحات والمفاهيم في سياقاتها الدلالية العربية دون اغفال خصوصيتها
في لغتها الأم. وهذه الإحاطة والمهارة في الترحال بين فضاءات لغوية ومعرفية مختلفة
هي ما يجعل ترجمته ترجمة العارف المتمكّن من الموضوع في أبعاده المصطلحية
والمفاهيمية والمعرفية. وقد جمعني به فضاء الترجمة أكثر من مرة، ووجدت فيه حرصا
على تطويع المصطلح العربي بعيدا عن الغرابة التي تطبع الكثير من الترجمات. وقد شكلت تجربة ترجمة كتاب تاريخ نظريات
الاتصال بمعيته، مثلا، والذي يعد بشهادة الكثيرين من أفضل ما ترجم في الدارسات
الاتصالية والإعلامية، تجربة ثرية جدا حيث غالبا ما لجأت إليه في التغلب خاصة على
بعض "العقبات اللغوية والمفاهيمية الكأداء."
·
جمعتني
به جغرافيا التعلّم في معهد علوم الإعلام والاتصال (والذي تحول لاحقا الى كلية
الإعلام في الثمانينات من القرن الماضي)، حيث تتلمذت على يديه في ميدان الكتابة
والتحرير الصحفي تحديدا والذي اعتقد أنه من أفضل من درّسه ؛ وجغرافيا التعليم، حيث زاملته لفترة طويلة،
فعرفت فيه نعم الزميل والأستاذ .
·
إذا
حضر البروفيسور لعياضي يحضر معه التأصيل المعرفي، فهو حريص على الحفر المعرفي في
المفاهيم، وتتبع مساراتها التاريخية، ووضعها في سياقاتها التاريخية، وهو ما يتيح
لقارئه أو مستمعه فهم ما تتم مقاربته ضمن أفق معرفي محدد المعالم بعيدا عن
التلفيق.
·
يطل
على العالم من نوافذ معرفية ومنهجية ولغوية متعددة، وبالتالي فكتاباته تتسم
بالثراء والمفاهيمي والمعرفي والدقة المنهجية.
·
مقبل
على الناس، وخاصة الطلبة ولا توانى في مساعدة كل من يطلب مساعدته.
·
زاهد
في المناصب الإدارية، يمقت "التنطاح" على "حطام الإدارة".
·
إذا
أردت أن تعرف الجديد في عالم الدارسات الاتصالية والإعلامية، فما عليك إلا أن تولي
وجهك قبل موقع البروفيسور لعياضي، حيث يجتمع عنده ما تفرق عند غيره.
·
مجتهد
في النحت اللغوي والمصطلحي، ينتقل بين التعريب والترجمة بيسر، مستثمرا الطاقة
الاشتقاقية اللغة العربية لكن ضمن معهود العرب في الكلام.
·
أخيرا،
يعتبر البروفيسور لعياضي رغم ملامحه التي توحي "بالجدية" مقبلا على
الحياة، اجتماعي الى أبعد الحدود، صاحب نكتة قلما يجاريه فيها أحد.
تعليقات
إرسال تعليق