التخطي إلى المحتوى الرئيسي

توضيح البروفيسور عزي حول علاقة الإعلام الجديد بالخيال والعالم الرمزي


 بعدما نشرتُ على صفحة مدونة عن كثب على الفايسبوك هذا المنشور:

يرى عبد الرحمن عزي أن:

الانترنت وشبكة التواصل الاجتماعي ظاهرة ليبرالية، فهي تنبثق من فكرة "دعه يمر دعه يعمل"، حيث يمكن أن نقلب هذه المعادلة لتصبح "دعه يتواصل، دعه يتفاعل"، في جو يكون مفتوح و(حر).

الحتمية القيمية تنظر إلى الإعلام الجديد على انه عالم رمزي، نفهمه من خلال العلاقة بين الواقع والخيال، فالواقع هو المعايش والاجتماعي، والخيال هو الرمزي أي الإعلام الاجتماعي، وهناك نوع من التدافع بين العمليتين بحيث يكون أحيانا الواقع هو المتغير الأساس بحيث أنه عندما يضيق الواقع بالفرد يلجأ إلى الرمز أو الخيال وكأنه نوع من الهروب، نوع من الانتقال من وضع لا يلبي كل ما يحتاجه الفرد إلى الرمز أو الخيال. وأحيانا يكون العكس بمعنى أن العالم الرمزي يملك جاذبية تجر الفرد من الواقع إلى الخيال".

مع العلم أن المنشور مقتبس من:

-         عبد الرحمن عزي: التنظير للإعلام الجديد، الملتقى الدولي الثاني عن الشبكات الاجتماعية: الواقع والتحديات، قسم الإعلام ، جامعة البحرين، 24 و25 مارس، (متاح على الخط):

 https://www.youtube.com/watch?v=D5zeQfwkSlM (13/09/2016).   

-         لكن الفيديو قد  تم حذفه من اليوتيوب.

علق الأستاذ خليفة عثمان قائلا:

هذا النقل عن نظرية الحتمية القيمية لا يبدو دقيقا خصوصا في عبارة: "الخيال هو الرمزي أي الإعلام الاجتماعي"، فـ 'عزي عبد الرحمن' لا يعتبر الخيال هو الرمزي أي الإعلام الاجتماعي (أو حتى الإعلام غير الاجتماعي إن صح التعبير)، بل هو يعتبر الإعلام (عموما) نظام مخيالي أي نظام يتبلور (أي يتجسّد) فيه (رمزيا) الخيال، وهو يتميز (أي الإعلام كنظام مخيالي) بكونه يمكن أن يحمل في أحزمته المكتوبة والسمعية- البصرية مختلف الأنظمة المخيالية الثانوية التي ينتجها الإنسان سواء في شكل رموز لغوية أو رموز غير لغوية (كمثل أنظمة التعليم، والأيديولوجيا، والفن، والأدب، والمسرح، والواية، والغناء، والرقص، والنكت، والأمثال، والأساطير، وكل ما يرتبط بما ينتجه الإنسان معنويا أو حتى ماديا في بعض الحالات، أي حين يتحول المادي إلى معنوي في المخيال الاجتماعي). أما الخيال فيعرفه 'عزي عبد الرحمن' بأنه ما يبتعد عن الوضع من أجل أن يقترب منه، وهو يتمثل، في مستواه الأسمى أو الأعلى، في الأبنية الدينية (الإسلام)، وبهذا فهو يقع خارج الإنسان، لكن الإنسان بإمكانه أن ينتج أنظمة مخيالية فرعية تقترب أو تبتعد عن الخيال (ومن أهمها الإعلام كما سبق). والظاهر أنّ الخيال عند 'عزي عبد الرحمن' في مستواه الأسمى أو الأعلى هو القيم التي مصدرها الدين (الإسلامي)، ومن هنا فالإعلام (سواء التقليدي المؤسساتي أو الجديد الاجتماعي) قد يقترب من هذه القيم (أي يرتبط بها) أو يبتعد عنها (أي لا يرتبط بها)، من خلال محتوياته الرمزية. ولهذا ذهب 'عزي عبد الرحمن' إلى أن لكل مخيال (أو نظام مخيالي) حياته الخاصة ودوره المتميز (حسب اقترابه أو ابتعاده عن الخيال)، كما أن هناك تداخلا بين مختلف الأنظمة المخيالية (أي فيما بينها) وبين هذه الأنظمة والخيال في مستواه الأسمى، وذلك حسب طبيعة المعنوي السائد في مجتمع ما (أي اقتراب هذا المعنوي من القيمة أو ابتعاده عنها). راجع: عبد الرحمن عزي، دراسات في نظرية الاتصال: نحو فكر إعلامي متميز، الفصل الأول: الواقع والخيال في الثنائية الإعلامية: نحو تأسيس فكر إعلامي حضاري متميز، سلسلة كتب المستقبل العربي (68)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط3، تشرين الأول\أكتوبر 2013م، ص 25. وكذلك الكلام عن الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، من وجهة نظر الحتمية القيمية (بوصف أنها ليبرالية رغم ما يشير إليه هذا الوصف من شحنة قيمية ليبرالية)، يبدو عاما وغير دقيق (إذ قد يفهم منه بأن الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي غير قيمية أو مبتعدة عن القيم بناء على ما تتيحه من حرية في التواصل والتفاعل الليبرالي الحر)، وهو يحتاج إلى مراجعة صياغية في ضوء ما ورد في مراجع نظرية الحتمية القيمية، فمثلا 'عزي عبد الرحمن' يبدو من المدافعين عن الحق في الاتصال بمفهومه الشامل (الذي تضمنه حرية الاتصال والتفاعل بالدرجة الأولى) بشرط الارتباط بالقيمة، وهذا ما يظهر من خلال كتابه "قانون الإعلام في ضوء الإعلام الاجتماعي". والله أعلم.

وهذا ما استدعى تواصلي مع البروفيسور عبد الرحمن عزي للاستفسار، فردّ قائلا:

د. باديس لونيس المحترم 

تحية أخوية وبعد 

شكرا على الاستفسار 

التوضيخ الوارد عين الصواب، ذلك أن الخيال مستقلا وإن كان المحرك "فيما ينبغي أن يكون" للمجال الرمزي والواقع الاجتماعي. والرمزي أبنية ثقافية متعددة ومنها الإعلام وهي قد تقترب أو تبتعد عن الخيال فيكون ذلك الأساس في الحكم عليها في الموجب والسالب.  وتعبير الإعلام الاجتماعي على أنه المقصود أساسا بالرمزي غير دقيق على اعتبار أن الإعلام عالم رمزي أوسع يمثل مستوى آخر من الحقيقة ويشمل عوالم الآداب والأيديولوجيا والفنون والطقوس والصور الذهنية والنمطية أو أي سرد لغوي أو خطابي من أي نوع.  والرمزي  يشمل الاجتماعي متى ما تم التعبير عنه إعلاميا بالنص أو الصورة غير أنه يتحول في ذلك إلى حقيقية رمزية على النحو الذي نجده في الفرق بين الخبر والحقيقة. ويعد استخدام تعبير الإعلام الاجتماعي مسألة وظيفية فرعية ليس لها دلالة معرفية أو لون منهجي على النحو الذي نجده في تعبير الإعلام الثقافي والإعلام البيئي والإعلام الرياضي والإعلام الصحي، إلخ.     

أما كون الإنترنت ظاهرة لبرالية فمن حيث نشأتها التاريخية والأيديولوجية المحركة لها  غير أنها أوجدت مساحة واسعة  للتدافع بين الخير والشر وإن كان مضمونها السائد يشكو عجزا  قيميا بفعل غلبة جو الأشياء والأشخاص بتعبير مالك بن نبي. فالمؤسسات التجارية اللبرالية من مثل الفايسبوك والتويتر والإنستغرام وغيرها تنظر إلى الفرد المستخدم لمنصاتها على أنه طاقة عاملة (بدون أجر) تنتج بضاعة رقمية يتم بيعها لشركات الإعلان والمؤسسات الرسمية مقابل الأرباح الطائلة التي تدرها تلك البضائع. أما المستخدم فيأتي بنص ويؤسس علاقات افتراضية تقوى أو تضعف في سياق التدافع بين الخطاب الأيديولوجي والتجاري السائد و"ما ينبغي أن يكون" ومن ذلك إدخال السرد الأخلاقي في رواية هذه الوسيلة الجديدة.       

انتهى كلام د. عبد الرحمن عزي  

وبالتالي وجب النشر لتوضيح الامر ورفع أي لبس يكون قد حصل جراء المنشور.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية

أ.د فضيل دليو جامعة قسنطينة3 مقدمة   من المعروف أن البحوث في العلوم الاجتماعية قد تصنف تبعا لمؤشر طبيعة البيانات المستخدمة إلى بحوث كمية وبحوث كيفية. تَستخدِم الأولى تقنيات كمية مباشرة وتلجأ إلى العد والقياس والإحصاء... أما البحوث الكيفية فهي غالبا ما تخلو من التكميم والقياس، ولا تستعمل التحاليل الإحصائية بل تعتمد على التحليل الكيفي وتركز على الفهم من خلال التفاعل مع الموضوع والظاهرة المدروسة.

أهم ثمانية كتب حول نظريات علوم الإعلام والاتصال

باديس لونيس كثرت في الآونة الأخيرة حركة التأليف في مجال علوم الإعلام والاتصال بتخصصاته المختلفة في المنطقة العربية، ولكن مع هذه الحركة والحركية يبقى مجال نظريات الإعلام والاتصال يحتاج إلى مزيد من الاهتمام. ليس من ناحية الكم فقط ولكن من ناحية الكيف بشكل خاص. لأن ما يُنتج هنا وهناك صار مبتذلا بشكل واضح، بل إن الكثير من الذين استسهلوا هذا المجال لم يكلفوا أنفسهم عناء إضافة أي شيء جديد حتى ولو كان من باب تنويع المراجع أو من باب التحليل والنقد، ما يفتح الباب واسعا حول التساؤل عن جدوى التأليف مادام صاحبها يجتر ما هو موجود أصلا من دون إضافة؟ هذا فضلا عن الحديث عن السرقات العلمية الموصوفة وذلك موضوع آخر.

"جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها"، كتاب الدكتور قسايسية الجديد

تدعمت المكتبة العربية في الايام القليلة الماضية بإصدار جديد عن دار الورسم للدكتور الجزائري علي قسايسية، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر3. الكتاب جاء تحت عنوان: جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها (من المتفرجين الى المبحرين الافتراصيين).