التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حوار حصري مع البروفيسور أحمد عبدلي حول الفيلم الوثائقي الفرنسي (الجزائر حبي)

لقد أثار الفيلم الوثائقي (الجزائر حبي) الذي بثته القناة الفرنسية الخامسة ليلة 27 ماي الماضي، جدلا واسعا وغضبا شعبيا كبيرا، واحتجاجا دبلوماسيا تمثل في استدعاء السفير الجزائري للتشاور على عجل، وهي خطوة على درجة من الأهمية في الاعراف الدبلوماسية.

هذا الجدل، لم يبقى بين الجزائريين على شبكات التواصل الاجتماعي فقط، ولا على المستوى المحلي فقط، بل انتبهت إليه كبريات وسائل الإعلام العالمية على غرار روسيا اليوم والجزيرة و(BBC) و(The New York Times)، ..الخ وتناولته باهتمام واسهاب كبيرين.

في هذا السياق، يسعدني أن أجري هذا الحوار مع البروفيسور أحمد عبدلي؛ عميد كلية أصول الدين بجامعة الأمير عبد القادر الاسلامية بقسنطينة، والمعروف برصانة انتاجاته العلمية في مجال علوم الإعلام والاتصال، والتي قدمها في دراسات ومداخلات كثيرة على درجة كبيرة من الأهمية والتميز في الطرح والمنهج والقيمة العلمية.

ويتحدث البروفيسور عبدلي في هذا الحوار عن رأيه في هذا الفيلم ودوافعه ومبرراته،  كما يقدم موقفه من ردود الأفعال (خاصة الاساتذة الجامعيين) تجاهه، والطريقة المثلى حسب رأيه للتصرف في مثل هذه الحالات.

أجرى الحوار: د.باديس لونيس

عن كثب: بداية ما هو رأيك في الفيلم الوثائقي (الجزائر ؟ وهل تراه حقا حاول تشويه الحراك الجزائري؟ ولا يعبر عن الحراكيين الجزائريين وتطلعاتهم؟

البروفيسور أحمد عبدلي:

السلام عليكم

    أولا علينا ان نفهم بعض الجوانب المتعلقة بالفيلم والتي تعكسها مجموعة من التساؤلات المفتاحية، حول التوقيت؟ القائم بالاتصال؟ جملة المكاسب والخسائر المتحققة من هذا الفيلم بالنسبة للأطراف المشكلة للمشهد ؟

يمكن القول أن توقيت الفيلم يتزامن مع توتر في العلاقات الجزائرية الفرنسية، ودخولا وسائل الفرنسية خط المواجهة والتهييج والتظليل والدعاية السلبية تجاه الجزائر، فقد سبق لقنوات أخرى  بث مثل هذه البرامج والحصص المثيرة للراي العام ، ثانيا الجهة المسؤولة عن الإنتاج والبث هي قناة حكومية ، ولا يمكنها ان تحشر انفها في الشأن الجزائري دون اذن مسبق ان لم يكن اجندة دعائية متواصلة، أخيرا اذكر ان الصحافة الفرنسية مع بداية الحراك كانت تخوف من اختراق الإسلاميين وبعضها صور الحراك على انه سيعود بالجزائر الى التسعينات ، تقديم مجموعة من الشباب المختارين بعناية اراه يخدم هدفين: ابراز حجم التفكك القيمي دخل المجتمع الجزائري وتزايد وجود فئات مرفوضة مجتمعيا مثل المثليين والشواذ، وكذا تسويق ضمني لتحرر المراة في اطار أفكار فيمن، بصورة ادق دفع المجتمع الى الحديث عن وجود هذه الفئات واعتبارها أجزاء يجب ان تكون لها مكانة من خلال القوانين وتعديل المزاج الاجتماعي تجاهها فهي امرؤ واقع، هذا يقودنا الى فهم الجهة الاحرى أي الحراك الشريف والمناضل الملتزم فالرسالة واضحة لمن يفهم اللؤم الفرنسي.

عن كثب: كيف تقرأ هذا الفيلم الوثائقي، في سياق مبررات حرية التعبير، وضرورات الفيلم الوثائقي التي تعبر عن وجهة نظر معينة حول الواقع؟

البروفيسور أحمد عبدلي:

    ما نقله الفيلم ولو كان انتقائيا وتغلب عليه الدعاية فانه يعيد تصوير الواقع وليس تشكيله ولهذا ، مثل هذه الفئات موجودة فعليا وهي لا تتوقف عن التعبير عن افكارها ، الفارق يمكن في قدرة الأطراف الأخرى في الحراك عن التعبير عن المطالب ذات الصبغة الجماعية الجامعة بعيدا عن الفئويات التي تسللت الى مقدمته واخترقته وصارت تدفع الى مصادمات بعضها عنيف عنف مادي ورمزي ، وبالنسبة لضرورات الفيلم عادة التوازن والموضوعية مطلوبة، لكن اذا اختار المخرج أطرافا بعينها فلا يجب تعميمها لانها تفتقد الى صفة التمثيل لمكونات الحراك.

عن كثب: كيف تقيّم تعامل الأساتذة الجامعيين (خاصة في علوم الإعلام والاتصال) مع الجدل المثار حول هذا الفيلم؟

البروفيسور أحمد عبدلي:

 يعذرني زملائي في وجهة نظري ، أرى اننا نحلل ظواهر دون سياقات تاريخية او وظيفية، ان اقصاء دور السياقات يؤدي الى الإغراق في خطاب انطباعي اندفاعي لايتجاوز عتبة الخطاب الاستهلاكي، وارى اننا ملزمون بمتابعة أداء الاعلام الفرنسي تحديدا منذ بداية الحراك وتلون مواقفه، ولربما ذهبنا ابعد في فهم الذهنية الاعلاموسياسية ، والتي تمكننا من توقع نوعية البرامج وأهدافها، وللتذكير توجد تحليل لزملاء فيها عمق ورؤية وفهم

عن كثب: كيف تنظر إلى الطريقة المثلى للتعامل مع هذا الفيلم الوثائقي؟

البروفيسور أحمد عبدلي:

   في رايي مثل هذه الأفلام لا نهاية لها من الفرنسسين او غيرهم فالإعلام والدعاية أدوات للحروب الناعمة، ولا يمكن مجابهة مثل هذه الأسلحة بالخطابات الشعبوية والعاطفية وانما بمثيل له، ولا يتأتى ذلك الا بتحسين أداء وسائل الاعلام والارتقاء الى دجات عالية من المهنية في الاعلام العمومية او الخاص، وبالنسبة للحراك اذكر انه في بداياته كان يؤدب وسائل الاعلام التي نقلت صورا مشوهة عنه، من خلال الطرد والشعارات القادحة، ولربما يكون هذا الفيلم الضارة التي تنفع فتدفع الخيريين في الحراك الى تطهير الصفوف او على الأقل وضع كل فئة في حجمها  وانهاء حالة التسلسل والتصدر لمن انكشفت نواياهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية

أ.د فضيل دليو جامعة قسنطينة3 مقدمة   من المعروف أن البحوث في العلوم الاجتماعية قد تصنف تبعا لمؤشر طبيعة البيانات المستخدمة إلى بحوث كمية وبحوث كيفية. تَستخدِم الأولى تقنيات كمية مباشرة وتلجأ إلى العد والقياس والإحصاء... أما البحوث الكيفية فهي غالبا ما تخلو من التكميم والقياس، ولا تستعمل التحاليل الإحصائية بل تعتمد على التحليل الكيفي وتركز على الفهم من خلال التفاعل مع الموضوع والظاهرة المدروسة.

أهم ثمانية كتب حول نظريات علوم الإعلام والاتصال

باديس لونيس كثرت في الآونة الأخيرة حركة التأليف في مجال علوم الإعلام والاتصال بتخصصاته المختلفة في المنطقة العربية، ولكن مع هذه الحركة والحركية يبقى مجال نظريات الإعلام والاتصال يحتاج إلى مزيد من الاهتمام. ليس من ناحية الكم فقط ولكن من ناحية الكيف بشكل خاص. لأن ما يُنتج هنا وهناك صار مبتذلا بشكل واضح، بل إن الكثير من الذين استسهلوا هذا المجال لم يكلفوا أنفسهم عناء إضافة أي شيء جديد حتى ولو كان من باب تنويع المراجع أو من باب التحليل والنقد، ما يفتح الباب واسعا حول التساؤل عن جدوى التأليف مادام صاحبها يجتر ما هو موجود أصلا من دون إضافة؟ هذا فضلا عن الحديث عن السرقات العلمية الموصوفة وذلك موضوع آخر.

"جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها"، كتاب الدكتور قسايسية الجديد

تدعمت المكتبة العربية في الايام القليلة الماضية بإصدار جديد عن دار الورسم للدكتور الجزائري علي قسايسية، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر3. الكتاب جاء تحت عنوان: جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها (من المتفرجين الى المبحرين الافتراصيين).