التخطي إلى المحتوى الرئيسي

6 أخطاء في بناء عناوين البحوث العلمية، عليك أن تتجنبها !


د. باديس لونيس

ربما لا يخلو بحث علمي من أخطاء منهجية تتراوح بين هفوات بسيطة وبين أخطاء منهجية كبيرة. فأما البسيطة فهي لا تؤثر في بنية البحث وتماسكه وانسجامه ويمكن تداركها بالتدريب والممارسة والاستشارة وتقبل النقد. وأما الأخطاء الكبيرة فهي حاسمة ولا يجب التساهل معها لأنها تؤثر في مصداقية البحث بأكمله وفي صحة النتائج المتوصل إليها.
ولقد نشطت حركة البحث العلمي في الجزائر في الآونة الأخيرة حتى أن البوابة الجزائرية للمجلات المحكمة مثلا قد سجلت أكثر من 90 ألف مقال منشور على صفحاتها. هذا فضلا عن الآلاف من مذكرات التخرج التي ينجزها الطلبة في هذه الجامعة وتلك، من مستويات مختلفة كل عام. هذا الكم الهائل من البحوث العلمية صاحبه صعود كبير أيضا  في مؤشر الاخطاء المنهجية. والمشكلة العويصة هنا؛ أن يقف الباحث/ الطالب موقف الجاهل لتلك الأخطاء وعدم القدرة على تبيّنها وتحديدها إن كانت مجرد هفوات، أم أخطاء تستدعي إعادة النظر في البحث كاملا.

ومن أكثر الأخطاء انتشارا؛ الأخطاء المتعلقة بتصميم عنوان البحث، والتي تتزايد بتزايد تغافل الباحثين -المبتدئين خاصة-  عن أهمية هذا العنصر، واستسهال عملية بنائه وتسرعهم في الانتقال إلى المراحل الاخرى.

لذلك ها هي أهم الاخطاء الشائعة في بناء عناوين البحوث العلمية:

الخطأ رقم 01:

عدم الانطلاق -عند بناء العنوان- من خلفية ابيستمولوجية واضحة ومحددة مسبّقا، ومن ثمة براديغم واضح ومُقتنع به، ونظرية أو نظريات جزئية في إطار هذا البراديغم؛  وذلك سببه عدم الانتباه إلى أن العنوان هو بناء يتركب من مفاهيم، والمفاهيم تختزل أفكار وتوجهات البراديغم أو النظرية التي أنتتجها، والنتيجة: الاستناد في اختيار المفاهيم إلى النمطية والسائد وهو ما يؤد إلى الوقوع في السطحية أوالتناقض.

الخطأ رقم 02:

استجداء وطلب عناوين جاهزة للبحث فيها، وهذا يتناقض مع شرط الإحساس بالمشكلة؛ حيث يتسرع الباحث في بناء العناوين النهائية قبل المرور بمراحل تحديد المشكلة. بينما الأصح أن العنوان يأتي كنتيجة لـ: الاحساس بالمشكلة أولا، ثم تحليلها، ثم تقييمها.

الخطأ رقم 03:

النزوع إلى صياغة العناوين الفضفاضة؛ والتي تتمحور غالبا حول مجال أو المشكلات العامة للبحث، أكثر منها حول المشكلة الخاصة بالباحث. وهذا مرده تصور خاطئ حول أن تلك العناوين الواسعة تعطي أهمية أكبر للبحث بينما الحقيقة أنها تكشف عن عدم دقة الباحث وربما تحايله؛
 فأن يدرس باحثٌ مثلا محتوى جريدة جزائرية واحدة في فترة زمنية معينة، بينما يقوم بصياغة عنوانه بذكر كامل الصحافة الجزائرية، فهذا لا يمكن إلا أن يكون عدم دقة أو تحايلا مع سابق الاصرار والترصد.

الخطأ رقم 04:

عدم مراعاة نوع الدراسة في صياغة العناوين (إن كانت كمية أو كيفية، نظرية أو ميدانية). وبالتالي تكون النتيجة؛ عناوين تحيل الى التعميم المفرط وغير المبرر في أحيان كثيرة حتى وإن كانت بحوثا اثنوغرافية مثلا أو دراسات حالة.
أو تقسيم مجتمع الدراسة الى مجتمع مستهدف وآخر متاح حتى وإن كانت الدراسة كيفية. ومن الاخطاء أيضا صياغة العناوين في البحوث الميدانية بتجريد وكأنها بحوث نظرية.

الخطأ رقم 05:

إغفال تحديد مجال الدراسة بدقة (من؟ يقول ماذا؟ لمن؟ بأي وسيلة؟ وبأي تأثير؟ وفي أي سياق؟ ...). وهذا ما يربك الباحث ويجعله يتخبط في اختيار مجتمع بحثه وقد يكون العنوان متمحورا حول المضمون بينما يتجه في المتن الى الجمهور أو الأثر.

الخطأ رقم 06:

عدم وضوح أدوار المتغيرات (المستقل، التابع، الوسيط) والعلاقة بينها، والاهتمام بطول أو قصر العنوان على حساب الوضوح والدقة. فالعبرة ليست في طول العنوان مادامت كل كلمة فيه تؤدي دورا ما.
 لذلك وجبت معرفة أن العناوين في البحوث العلمية لا تهتم بالشكل والجذب على عكس العناوين في المنتجات الأدبية التي كلما كانت غامضة وفتحت الباب أمام تعدد التأويلات والقراءاة كلما كان ذلك مؤشرا على نجاحها.
فالقارئ للبحث العلمي؛ قارئ متخصص وهو من يبحث عن الدراسة انطلاقا من اهتماماته البحثية. وأما من معايير اقتناعه ببحثك: الوضوح والبساطة والدقة في صياغة عنوانك. والابتعاد عن الأحكام القيمية في لغتك التي يجب ألا تكون صحفية أو فلسفية أو أدبية أو وعضية، بل لغة علمية بكل ما في العلم من شروط.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية

أ.د فضيل دليو جامعة قسنطينة3 مقدمة   من المعروف أن البحوث في العلوم الاجتماعية قد تصنف تبعا لمؤشر طبيعة البيانات المستخدمة إلى بحوث كمية وبحوث كيفية. تَستخدِم الأولى تقنيات كمية مباشرة وتلجأ إلى العد والقياس والإحصاء... أما البحوث الكيفية فهي غالبا ما تخلو من التكميم والقياس، ولا تستعمل التحاليل الإحصائية بل تعتمد على التحليل الكيفي وتركز على الفهم من خلال التفاعل مع الموضوع والظاهرة المدروسة.

أهم ثمانية كتب حول نظريات علوم الإعلام والاتصال

باديس لونيس كثرت في الآونة الأخيرة حركة التأليف في مجال علوم الإعلام والاتصال بتخصصاته المختلفة في المنطقة العربية، ولكن مع هذه الحركة والحركية يبقى مجال نظريات الإعلام والاتصال يحتاج إلى مزيد من الاهتمام. ليس من ناحية الكم فقط ولكن من ناحية الكيف بشكل خاص. لأن ما يُنتج هنا وهناك صار مبتذلا بشكل واضح، بل إن الكثير من الذين استسهلوا هذا المجال لم يكلفوا أنفسهم عناء إضافة أي شيء جديد حتى ولو كان من باب تنويع المراجع أو من باب التحليل والنقد، ما يفتح الباب واسعا حول التساؤل عن جدوى التأليف مادام صاحبها يجتر ما هو موجود أصلا من دون إضافة؟ هذا فضلا عن الحديث عن السرقات العلمية الموصوفة وذلك موضوع آخر.

"جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها"، كتاب الدكتور قسايسية الجديد

تدعمت المكتبة العربية في الايام القليلة الماضية بإصدار جديد عن دار الورسم للدكتور الجزائري علي قسايسية، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر3. الكتاب جاء تحت عنوان: جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها (من المتفرجين الى المبحرين الافتراصيين).