التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تعقيبا على مقاله (هل يمكن أن يصبح الواعظ صحافيا؟) البروفيسور بولكعيبات يصرح: كنت وضعيا في قناعاتي لكني عدلت عن ذلك و أصبحت أؤمن بالتأويل في البحث

بعد نشره لمقاله: هل يمكن أن يصبح الواعظ صحافيا؟، علقت على البروفيسور ادريس بولكعيبات، بما يلي:

شكرا جزيلا دكتورنا على هذه الرحلة التاريخية الفكرية المفيدة والممتعة، واثراء للنقاش وبمناسبة الحديث عن علاقة الدين بالاتصال، واللغة وسيلة الاتصال الأولى؛

تجدر الاشارة الى التجربة الصوفية في تفكيكها للغة واعادة النظر اليها بشكل مختلف تماما،،
وقد ذهب الكثير من المتصوفة في انشغالهم وبحثهم عن المعاني الخفية ودلالة كل حرف من حروف اللغة العربية . واعتقدوا ان لكل حرف من الحروف الهجائية معنى مرتبطا بالذات الالهية، او بالكشف عن اسرار الكون، او بالاشارة الى درجة من درجات الطريق للوصول الى الله جل جلاله.
مثلا/ حروف اللغة العربية تتكون من (28) حرفا غير (لام الف) وهي تمام الـ (29) حرفا.. وذلك بعدد منازل القمر!! والمنازل يظهر فيها فوق الارض (14) حرفا هي (ن ت ث د ذ ر ز ط ظ ل ص ض س ش ومنها ما يظهر معها وهي (14) حرفا هي (أ ب ج ح خ ك م ع غ ف ق هـ و ي) وايضا هناك منها (14) حرفا منقوطا اي له نقاط مثل (ب ت ز ج ف... الخ) وغير منقوط مثل ا م ح ر ص ... الخ) مما جعل متخصصي التنجيم يدعون ان الحروف المنقوطة هي اكثر تفاؤلا واسعد حظا من غيرها المنقوطة


فرد البروفيسور بولكعيبات قائلا:


عزيزي باديس ، أرى أنك متعدد المواهب و الاهتمامات . اللغة اليوم أعيد لها الاعتبار ، حيث أصبحت في قلب الاتصال و هو موقعها الطبيعي. كان الاهتمام بعد الحرب العالمية الثانية منصبا على الوسيلة و ليس على الرسالة و ها هو اليوم ينتقل التركيز الى المتلقي و اعتبار مسألة التداول أساس تناول موضوع الاتصال بالدراسة . كانت فتنة أحدثها الزخم الهائل للاختراعات المتلاحقة في ميدان تكنولوجيا الاعلام و الاتصال . و قد اسهم ماك لوهان في تلك الفتنة عندما أطلق عبارته الشهيرة التي لاتزال تتردد الى اليوم " الرسالة هي الوسيلة " . 
عزيزي باديس الصوفية آمنوا بالتأويل و أن لكل ظاهر باطنا . و أن هناك تورية و تعمية مقصودة في النصوص المقدسة لا ينال معناها الا الراسخون في العلم . و لكن المتصوفة المتأخرين بالغوا في التأويل حتى أفسدوا الفكرة و زجوا بها في الخرافة . و لم يكتفوا بنشر اعتقاد أن حروف اللغة تخفي أسرارا و كذا الأرقام . افتح بعض الحروز و ستكتشف توظيف بعض الحروف و الأرقام . خيل للبعض أن من يطلع عليها ستفتح أمامه الحجب و سيملك مفاتيح الغيب . و قد كتب في أمر فساد التصوف و خروج المتأخرين عن الهدف ، " القشيري رسالته الشهيرة " لإصلاح الحال لكنها مع الأسف لم تحقق ما كان يرمي إليه .
أنا شخصيا كنت وضعيا في قناعاتي لكني عدلت عن ذلك و أصبحت أؤمن بالتأويل في البحث . و من جملة ذلك أصبحت مقتنعا أكثر من أي وقت مضى بأن اللغة ليس ناقلا محايدا و أنها ليست مرجعية و أنها النسق الأساس في الثقافة . و لذلك أصبحت من الذين يعتمدون المقاربة الاثنومتودولوجية التي تقلب الموقف رأسا على عقب من القول بأن فهم الكل يحتاج الى فهم الجزء الى القول بأن فهم الجزء يتطلب فهم الكل .
على كل ، اللغة باتت في صلب موضوع الاتصال بعد استيعاب الصدمة التي سببها الانبهار بتكنولوجيا الاعلام و الاتصال . 
شكرا على فتح الشهية للخوض في موضوع لن يحيط به مقال مهما طال 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية

أ.د فضيل دليو جامعة قسنطينة3 مقدمة   من المعروف أن البحوث في العلوم الاجتماعية قد تصنف تبعا لمؤشر طبيعة البيانات المستخدمة إلى بحوث كمية وبحوث كيفية. تَستخدِم الأولى تقنيات كمية مباشرة وتلجأ إلى العد والقياس والإحصاء... أما البحوث الكيفية فهي غالبا ما تخلو من التكميم والقياس، ولا تستعمل التحاليل الإحصائية بل تعتمد على التحليل الكيفي وتركز على الفهم من خلال التفاعل مع الموضوع والظاهرة المدروسة.

أهم ثمانية كتب حول نظريات علوم الإعلام والاتصال

باديس لونيس كثرت في الآونة الأخيرة حركة التأليف في مجال علوم الإعلام والاتصال بتخصصاته المختلفة في المنطقة العربية، ولكن مع هذه الحركة والحركية يبقى مجال نظريات الإعلام والاتصال يحتاج إلى مزيد من الاهتمام. ليس من ناحية الكم فقط ولكن من ناحية الكيف بشكل خاص. لأن ما يُنتج هنا وهناك صار مبتذلا بشكل واضح، بل إن الكثير من الذين استسهلوا هذا المجال لم يكلفوا أنفسهم عناء إضافة أي شيء جديد حتى ولو كان من باب تنويع المراجع أو من باب التحليل والنقد، ما يفتح الباب واسعا حول التساؤل عن جدوى التأليف مادام صاحبها يجتر ما هو موجود أصلا من دون إضافة؟ هذا فضلا عن الحديث عن السرقات العلمية الموصوفة وذلك موضوع آخر.

"جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها"، كتاب الدكتور قسايسية الجديد

تدعمت المكتبة العربية في الايام القليلة الماضية بإصدار جديد عن دار الورسم للدكتور الجزائري علي قسايسية، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر3. الكتاب جاء تحت عنوان: جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها (من المتفرجين الى المبحرين الافتراصيين).