
نص بقلم/ أ. صابر بقور
بعد خلوة طويلة في محرابي، و بعد أن فعلت بي العزلة فعلتها؛ حيث أصبحت كثير التدقيق في الأشياء كثير التعمق في الخطوط و الألوان لا أعرف بداية اليوم و نهايته من الساعة كما يفعل الجميع بل من تلك التغيرات الغريبة في السماء... لم تعد الشمس ضياء و لا القمر سراجا و كفى بل تحولا عالما آخر لإنسان حاول أن ينعتق مما يغل روحه و يسحبها إلى أدنى دركات الوحل،
خرجت إلى الناس في ثوب الواعظ الحكيم، متنكر بقبعة ايطالية و كوفية فلسطينية و شيء من اللحية على سحنتي و كم بدوت مترددا مدبرا بخطى متراجعة، كم تساءلت بشأني شبهي لنفسي و كم وكانت المعضلة كبيرة عندما تلاشى كل ما له علاقة بي و لم يتغير أي شيء في هذا العالم، المكان ذاته الوجوه ذاتها بتغيرات متوقعة شعر أبيض بطن نافر و الكليشيهات ذاتها حتى كلماتهم لم تتغير و لا حتى مواضع الأسنان التي سقطت و بالتالي تلك الابتسامات العفراء ، إن هذا العالم لا يتغير و لن يتغير يبدو كل شيء فيه مألوف و محسوم سلفا و قد أرهقتني هذه النتيجة مبلغا و تمثلا.
ما زالت تثير الأنثى الدهشة أينما حلت، مازال الرجال يفقدون السيطرة على أفواههم المترهلة كلما تحدثت النساء مازالوا يقفون وقفة المتنسك حيال شعرها المنسدل و بنطالها الضيق، تسعدهم مصافحتها و يشعرهم رضاها براحة نفسية منقطعة النظير، يا إلهي بهجة الفيلة هذه كم ستطول و كم سيطول غرق الذباب في صحن السكر، بت أدرك أيضا أن أي شيء سأقوله و أي محاضرة سأحاضرها في الفكر و أو العلم ستكون مرافعة فاشلة أمام كتلة الأنثى، إنهم يستديرون نحوها في لحظة شبقك المعرفي في لحظة انفعالك اللغوي النابع من فكرة متقدة، سيخرسونك عندما يظهر بلعومهم الأحمر السعيد بمحادثتها و لن تجد سبيلا إلى ذلك سوى عد المسافة بين أسنانهم المنتشية فرحا و كم اللعاب المتطاير هنا و هناك.
تعليقات
إرسال تعليق