د. نصرالدين لعياضي |
"وغني عن القول ان الدراسات النوعية التي تناولت مواقع
الشبكات الاجتماعية في المنطقة العربية قليلة جدا إن لم تكن نادرة. والسبب في ذلك
لا يعود لهيمنة الفكر الوضعي في العلوم الانسانية الذي ينفي الطابع العلمي
والموضوعي للدراسات الكيفية لأنها تستغني عن التكميم، بل يرجع أيضا إلى التأثر
الكبير بالتوجه الماركسي الذي يدرس الظاهرة الاجتماعية انطلاقا من رؤية ماكرو
سوسيولوجية.
يبدو أن استهجان البحوث الكيفية في مجال الإعلام
والاتصال، ومواقع الشبكات الاجتماعية يعود أصلا الى جهل خصوصية علوم الإعلام
والاتصال التي يتعمق فهمها بالاجابة اولا عن سؤال: كيف؟ وليس لماذا؟ فالإجابة عن
السؤال الأخير تنطلق من افتراض وجود علاقات سببية بينما تعقد العلاقات وتشابكها
بين التقني والاجتماعي، وبين الفرد والبنية الاجتماعية، وبين الاقتصاد والسياسة،
وبين الثقافة والاتصال تنفي وجود علاقة رأسية: السبب والنتيجة في علوم الاتصال.
لقد شرع الكثير من الباحثين في الدول الغربية في التفكير
في نشاطهم البحثي ضمن رؤية نقدية وانتهوا إلى القول أن النظريات السابقة عن
المجتمعات المعاصرة خاطئة ومضللة. لذا نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في معظم
التعارضات الثقافية التي صقلت الفكر الغربي منذ بداية العصر الحديث؛ أي بعبارة أدق
لا يمكننا أن نبني تحليلنا للثقافة والهوية والتكنولوجيا انطلاقا من الصراع بين
الخاص والعام والفاعل والموضوع والانسان والآلة.
وبصرف النظر عن مدى دقة هذا الحكم، نتساءل متى يحين
الانشغال بالتفكير في ادوات التفكير العلمي في الاتصال والإعلام في المنطقة
العربية كشرط أساسي لتطور البحث؟"
تعليقات
إرسال تعليق