التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كلمة حق أريد بها حقا


نشر باحث يدعى بن سالم رشيد مقالا تحت عنوان : "هل تحولت علوم الإعلام والاتصال في المنطقة العربية إلى ساحة للشعوذة والهذيان؟ " في الموقع الالكتروني لمجلة الحوار المتمدن، قدم فيه قراءة نقدية لنظرية عبد الرحمن عزي يحاول من خلالها دحضها على حد تعبيره. والحقيقة أن قراءة سريعة للمقال تجعلنا نخرج بانطباع أولي مفاده ان النقد موجه الى شخص عبد الرحمن عزي أكثر مما هو موجه الى أفكاره نظرا للأسلوب الساخر الذي كتب به رغم اهمية الكثير من الافكار التي طرحها الكاتب، والتي تستدعي ردودا علمية صارمة وهادئة.

وأتشرف اليوم بنشر تعليق الدكتورة رحمية الطيب عيساني عضو هيئة التدريس بجامعة الشارقة على هذا المقال، في انتظار ردود أخرى عن قريب ان شاء الله.

تعليق الدكتور رحيمة الطيب عيساني:

  بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
كنت أبحث عن كتب جديدة أو مقالات علمية محكمة في مجال نظريات الاتصال والإعلام، ولفت انتباهي عنوان المقال في هذه المجلة ومع أنها ليست علمية ولا محكمة، لكن تعلمت من دراستي في مرحلة البكالوريوس (الليسانس) في قسم الدعوة والإعلام بجامعة الأمير للعلوم الإسلامية بالجزائر أن أقرأ للجميع، وأن أعمل بمقولة أحد العلماء الكبار"والله لو كتب الشيطان لقرأت له"، وهي القاعدة والطريقة التي لزمتها ولزمتني منذ ذلك الحين فقد عودت نفسي حينما أبحث في موضوع معين أن أقرأ للجميع مهما كان اتجاههم الفكري أو العلمي كشفوا عن ذلك أم تستروا وراء المسميات والألقاب أو المبررات والدّواعي، وقرأت المقال من أوله إلى أخره ولما أتممته، صٌدمت للمستوى الذي كتب به، وكنت أنتظر دراسة رصينة تنقد بأسلوب علمي، وهو ماحدا بي لطرح تساؤلين رئيسيين هما:
1-من هو رشيد بن سالم الذي كتب المقال، فأنا لم أسمع به من قبل، ثم قمت ببحث في قوقل وحتى في موقع المجلة ولم أجد تعريفا ولا توصيفا لكاتب المقال، لذلك سأطرح عليك هذا التساؤل مباشرة؛ من أنت ياسي رشيد بن سالم، وما هي شهادتك العلمية وما عملك، وما اسهاماتك العلمية السّابقة في مجال الإعلام والاتصال، بعبارة Who are you فقط أعلمنا بنفسك، لنعرف مع من نتكلم أو نناقش؟
2-ما نوع هذا الحوار المتمدن الذي عرض به رشيد بن سالم أفكاره ونقده وغيرته على علم الاتصال؟ ملاحظة: لست من المريدين(كما وصفتهم)، ولا تتوقع مني أن أدافع عن أي شخص، ولست مكلفة بذلك، لكنني باحثة علمية أحب أن أضع الأمور في نصابها، وإذا نقدت أنقد بموضوعية علمية غرضها زيادة معارف الناس وتصحيح مفاهيمهم عن الأشياء والأحداث والأفكار من وجهة نظر العلم والمعرفة القائمة على الحقائق وليس من وجهة نظري أنا كشخص، وقد نشأت منذ نعومة أظافري على أني مسلمة، ومن خلق المسلم أن يكون عف اللسان، يقول بخلق طيب للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت بأدب واحترام. وبعد ذلك "كل نفس بما كسبت رهينة"، و"لستَ عليهم بمسيطر".
السيد رشيد كان بحثك يمكن أن يقنعني ويقنع كثيرا من النّاس لو اكتفى بالنّقد العلمي البنّاء، الذي كانت بعض ملامحه واضحة جدا، ولم يخض في السّب والشّتم والتّجريح والاستهزاء والتّعريض بمناسة وبغير مناسبة، فلك الحق كل الحق(من باب الحرية في تبني الأفكار والاتجاهات، أو معارضتها كما تعلمناها وتربينا عليه في قسم الدعوة والإعلام بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية)، في أن تنقد، تعترض، تفنّد، تبيّن أوجه الخطأ، أو كل الخطأ، لكن ليس من حقك أن تسب وتشتم وتستهزي من أشخاص مارسوا حق الديمقراطية والحرية والتّمدن والتحضر في تبني الأفكار واحتضانها والاحتفاء بها، حتى وإن كنتَ تخالفهم، وأنها من منظورك شعوذة وهذيان(وجهة نظر خاصة بك، لا تلزم بها أحدا غيرك، ولا يحق لك أن تجبر الآخرين أن يعتقدوا ما تعتقده أنت صحيحا).
ثم إن الرجل عبر عن أفكاره في النّور فكلها خرجت في كتب ومقالات(بغض النّظر عن هل نوافقها أم نخالفها فذاك شأن آخر. أم هي صحيحة وفق الموازين العلمية أو مجرد خزعبلات(كما وصفتها) وفق المعايير العلمية)، فلماذا كتبت هذا النّقد العالي المستوى الذي يدحض كل ما كتبه عبد الرحمن عزي، ويسفّه أفكاره، ومريدوه(على حد قولك)في مجلة ليست متخصصة، وخندقت نفسك في اتجاه المجلة وتوجهها، في مقابل تصنيفك لعزي ومن معه في الخندق المقابل(الإسلام السيّاسي وأخطاره على الدّولة المدنية)الذي تشهرون سلاحه متى أدرتم اقصاء واضطهاد الآخر المخالف لكم فكرا وتوجها، وكأنك أردت أن تقول لنا:"أنا سأنتقد عزي من وجهة نظر ايديولوجية، وليست علمية"، وقد انتقدته في الثنايا أن أفكاره مؤدلجة.
لذلك أنصحك إذا أردت أن تقنعنا بهذا النقد والحوار المتمدن بطريقة علمية أن تنشره في مجلة علمية محكمة في مجال الاتصال تصدر باللغة الفرنسية(وهي الأقرب إلى ثقافتك في المجال كما هو واضح من استشهاداتك)، أو باللغة الانجليزية، فإن لم تستطع فأضعف الإيمان أن تنشرها في مجلة عربية متخصصة في مجال الاتصال، وعندك في هذا خمس مجلات على الأقل(ستجد روابطها كلها على مدونتي(للمساعدة)):
. المجلة المصرية لبحوث الإعلام.
. المجلة المصرية لبحوث الرأي العام.
. المجلة الجزائرية للاتصال.
. المجلة التونسية للاتصال.
. المجلة العربية لعلوم الإعلام والاتصال(السعودية)
. والباحث الإعلامي العراقية.
وعندها فقط سنقرؤه من باب الرأي المقابل وبعدها نقرر ما نقبل أو نرفض منك كما فعلنا مع ما كتبه الدكتور عزي بكل حرية واحترام وتقدير للآراء والأفكار والأشخاص.
السيد رشيد تمنيت منك قبل أن تسب وتشتمت في كثير من الأشخاص والجامعات أن تتوثق جيدا وتتحلى بقليل من الأخلاق العلمية المطلوبة في هذا المجال خاصة(النقد العلمي البناء). لكن يبدو أنك حبيس صور نمطية عن طلبة العلوم والمعارف، تستند إلى التصنيف المنمط من الاسم أو الرسم أو الخيارات الشخصية في مجال اللباس، والعادات الاتصالية، وهي طريقة خاطئة وغير علمية استنادا أولا إلى قيمنا الأخلاقية التي تربينا عليها في بيئتنا العربية الإسلامية، ثم إلى المنهجية العلمية التي درسناها في قسم الدعوة والإعلام وفي علم الإعلام والاتصال.
السيد رشيد قلت لك سوف لن أرد في الجانب المعرفي والنّقد العلمي فسيتولاه المتبنون للنّظرية، لكن ولأن جمّ غضبك قد صببته على طلبة قسم الدعوة والإعلام، سأذكرك فقط بعدة أمور أولية نضع فيها النقاط على الحروف:
أولا: أنت لو راجعت موقع النظرية وتتبعت الأسماء المساهمة في النظرية ستجد أن أغلبهم خريجي أقسام الإعلام والاتصال وقليل جدا خريجي قسم الدعوة والإعلام، وأن المؤتمرات الدولية عقدت في جامعة مستغانم وجامعة الأغواط، وفقط هي ندوة وطنية مصغرة جدا واحدة عقدت في جامعة الأمير وأنت تعرف السبب، لماذا لم تعقد بقية المؤتمرات في الأمير.
فالدكتور نصير بوعلي والدكتور السعيد بومعيزة، والدكتور محمد كلندر، والدكتور العربي بوعمامة والأستاذ محمد الفاتح حمدي، والأستاذة منال كبور، والأستاذة سعاد عيساني، والأستاذ باديس لونيس، والأستاذة شهرزاد سوفي كلهم خريجي وطلبة وباحين في مجال الإعلام والاتصال، كابرا عن كابر.
وبقيت الدكتورة رقية بوسنان، والأستاذة وحيدة بوفدح، والأستاذة وردة بوجلال والدكتور أحمد عبدلي ، والأستاذ بشير بن طبة، هؤلاء من قسم الدعوة والإعلام، فلك أن تستخرج نسبتهم للأولين، وكل من عبدلي وبن طبه هما زميلي في الدراسة وقد درسنا: مدخل إلى الاتصال، تاريخ وسائل الإعلام، مناهج وبحوث الاتصال، والكتابة للصحافة وللإذاعة والتلفزيون عند دكتورنا الفاضل محمد شطاح.
أما رقية ووحيدة ووردة فقد درستا مواد الإعلام سابقة الذكر عند الدكتور محمد لعقاب والدكتور عزت عجان والدكتور أحمد عظيمي والدكتور بومعيزة السعيد، وليس الشيخ أبو جرة سلطاني، ثم إن الشيخ أبو جرة سلطاني درس بالأمير فن الخطابة(التي هي أصل الدراسات في مجال الاتصال؛ عند كوراكس، أفلاطون، أرسطو، اوغاستين)، بحكم تخصصه في مجال الأدب العربي والبلاغة.
نقطة نظام مهمة: هل لي أن أستفسر عن وجه استدلالك بالآية الكريمة:"يأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"؟
ثانيا: وعلى افتراض أنهم كلهم من قسم الدعوة والإعلام الذي يبدوا أنه يشكل لك عقدة في الحياة، وكذا جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية والإعلام الإسلامي، وكل مصطلح يذكر فيه"الإسلام"، أو حتى الحروف المشكلة له، فلستَ من يحدد مستواهم في علم الإعلام والاتصال، وحدها الاختبارات والمسابقات العلمية، والنّشاط العلمي في التّخصص من يحدد المستوى العلمي في كل مجال. فقد درس لاسويل علم السياسة، وأبدع فيما بعد في علم الاتصال، وكان شانون وويفر مهندسين ووضعا نظرية ونموذجا في الاتصال بالمصادفة، وكان ميد عالم في الاجتماع، وتعد التفاعلات الرمزية أحد النّظريات المحورية في علم الاتصال،......وغيرهم كثير.
ثالثا: كان مقالك مزيجا من النقد الذي كان في بعض فقراته وجوانبه علميا بحتا، لكن اتجاهك بسبب وبغير سبب إلى السب والشتم والاستهزاء والسخرية هذا الذي لم نجد له مبررا إلا أنه صادر عن أحد شخصين:
1. إنسان ليس له أخلاق علمية ولا أدبية ولا حتى أدنى أبجديات النقد والاعتراض والتصويب، وبالتالي لا يصلح أن يكون باحثا في مجال الإعلام والاتصال، ولا في أي علم آخر، ويجب عليه أن يعيد تكوينه من الأول حتى يتعلم الأخلاق العلمية، والأداب والقواعد المنهجية في البحث والتّعلم.
2. إنسان حسود حقود كما وصفت به نفسك، وسوف لن تسمح لي أخلاقي أن أأكد هذا الاتجاه.
وأترك لك بعد حق الرد والاعتراض لكن أتمنى منك هذه المرة أن تنصف نفسك وما تحمل من علم وتنقد وتعترض بأخلاق علمية على الأقل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية

أ.د فضيل دليو جامعة قسنطينة3 مقدمة   من المعروف أن البحوث في العلوم الاجتماعية قد تصنف تبعا لمؤشر طبيعة البيانات المستخدمة إلى بحوث كمية وبحوث كيفية. تَستخدِم الأولى تقنيات كمية مباشرة وتلجأ إلى العد والقياس والإحصاء... أما البحوث الكيفية فهي غالبا ما تخلو من التكميم والقياس، ولا تستعمل التحاليل الإحصائية بل تعتمد على التحليل الكيفي وتركز على الفهم من خلال التفاعل مع الموضوع والظاهرة المدروسة.

أهم ثمانية كتب حول نظريات علوم الإعلام والاتصال

باديس لونيس كثرت في الآونة الأخيرة حركة التأليف في مجال علوم الإعلام والاتصال بتخصصاته المختلفة في المنطقة العربية، ولكن مع هذه الحركة والحركية يبقى مجال نظريات الإعلام والاتصال يحتاج إلى مزيد من الاهتمام. ليس من ناحية الكم فقط ولكن من ناحية الكيف بشكل خاص. لأن ما يُنتج هنا وهناك صار مبتذلا بشكل واضح، بل إن الكثير من الذين استسهلوا هذا المجال لم يكلفوا أنفسهم عناء إضافة أي شيء جديد حتى ولو كان من باب تنويع المراجع أو من باب التحليل والنقد، ما يفتح الباب واسعا حول التساؤل عن جدوى التأليف مادام صاحبها يجتر ما هو موجود أصلا من دون إضافة؟ هذا فضلا عن الحديث عن السرقات العلمية الموصوفة وذلك موضوع آخر.

"جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها"، كتاب الدكتور قسايسية الجديد

تدعمت المكتبة العربية في الايام القليلة الماضية بإصدار جديد عن دار الورسم للدكتور الجزائري علي قسايسية، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر3. الكتاب جاء تحت عنوان: جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها (من المتفرجين الى المبحرين الافتراصيين).