التخطي إلى المحتوى الرئيسي

من دراسة مؤسسة اللغة إلى دراسة أدائها



عَنيت اللسانيات بدراسة مؤسسة اللغة كمؤسسة قائمة في حد ذاتها سواء من حيث بنياتها الصوتية أو التراكيبية أو المعانية. وقد سعت هذه اللسانيات وبعض اتجاهاتها المعاصرة من مثل البراغماتية الامبريقية أن تُضمِّن في إطار اللغة ظاهرة فعل الكلام؛ طريقة تحقيق أو استعمال المتكلم المؤهل للغة والثغرات التي يمكن أن تبرز تحت تأثير شروط تحقيقها والاستعدادات الذهنية والنفسية للفرد. 

هذه اللسانيات تكون قد حجزت اللغة في مجال البنيات التي تشكل هذه اللغة لا غير، في حين أن هابرماس يسعى في مشروع نظرية فعل الكلام إلى إخراج هذه اللغة في جزئها الممارَس إلى عالم يجعلها تدخل في علاقة مع جملة من الحقائق التي تتواجد خارج اللغة وإن كانت اللغة تحمل ذلك ووسيلة لذلك. هذه الحقائق تتمثل في مقاصد المتكلم والثقافة المشتركة والحقيقة الخارجية.
وبهذا، في نظر هابرماس، يمكن إيجاد مجتمع تواصلي يتجاوز ما يفرضه المجتمع التقني المعاصر من سلطوية وامتثالية وإدماجية. إن نظرية هابرماس الخاصة بفعل الكلام قد تلتقي في نهاية الأمر مع السؤال الذي انهى به الباحث عبد السلام المسدي دراسته عن التفكير اللساني في الحضارة العربية والمتعلق بـ "ما سر توحد النواميس المبدئية في الكلام حتى أن اختلاف اللغات لا يعدو أن يكون تجليات متنوعة لظاهرة كونية ذات قوانين قارة، فكأنها ترجمات لخطاب واحد في محفل متعدد الألسنية.

- عبد الرحمن عزي: الفكر الإجتماعي والظاهرة الإعلامية الاتصالية (بعض الأبعاد الحضارية)، دار الأمة، الجزائر، 1995م، ص151.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية

أ.د فضيل دليو جامعة قسنطينة3 مقدمة   من المعروف أن البحوث في العلوم الاجتماعية قد تصنف تبعا لمؤشر طبيعة البيانات المستخدمة إلى بحوث كمية وبحوث كيفية. تَستخدِم الأولى تقنيات كمية مباشرة وتلجأ إلى العد والقياس والإحصاء... أما البحوث الكيفية فهي غالبا ما تخلو من التكميم والقياس، ولا تستعمل التحاليل الإحصائية بل تعتمد على التحليل الكيفي وتركز على الفهم من خلال التفاعل مع الموضوع والظاهرة المدروسة.

أهم ثمانية كتب حول نظريات علوم الإعلام والاتصال

باديس لونيس كثرت في الآونة الأخيرة حركة التأليف في مجال علوم الإعلام والاتصال بتخصصاته المختلفة في المنطقة العربية، ولكن مع هذه الحركة والحركية يبقى مجال نظريات الإعلام والاتصال يحتاج إلى مزيد من الاهتمام. ليس من ناحية الكم فقط ولكن من ناحية الكيف بشكل خاص. لأن ما يُنتج هنا وهناك صار مبتذلا بشكل واضح، بل إن الكثير من الذين استسهلوا هذا المجال لم يكلفوا أنفسهم عناء إضافة أي شيء جديد حتى ولو كان من باب تنويع المراجع أو من باب التحليل والنقد، ما يفتح الباب واسعا حول التساؤل عن جدوى التأليف مادام صاحبها يجتر ما هو موجود أصلا من دون إضافة؟ هذا فضلا عن الحديث عن السرقات العلمية الموصوفة وذلك موضوع آخر.

"جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها"، كتاب الدكتور قسايسية الجديد

تدعمت المكتبة العربية في الايام القليلة الماضية بإصدار جديد عن دار الورسم للدكتور الجزائري علي قسايسية، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر3. الكتاب جاء تحت عنوان: جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها (من المتفرجين الى المبحرين الافتراصيين).