التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حوار الدكتور عزي مع جريدة الجزائر


كان من القلائل الذين انشغلوا بالبحث في مجال المدرسة الاتصالية، بحث في الظاهرة الإعلامية في الدول العربية بالاستناد إلى الفكر الغربي، وهو صاحب نظرية "الحتمية القيمية في الإعلام"، عزي عبد الرحمان الدكتور المفكر والبروفيسور الجزائري، عميد كلية الإعلام بجامعة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة، اجتهد خارج مجال الساحة الأكاديمية الجزائرية، بالرغم من أن بداياته كانت في الجزائر، وفي عالم الإعلام بالضبط، "الجزائر" كان لها فرصة للتحدث إليه، واكتشاف جوانب أخرى من شخصيته.
نتشرف بحضورك دكتور إلى جامعة مستغانم، بداية.. ما هو موقفك من هذه المبادرة التي قام بها قسم الإعلام، خاصة كونك شخصية يمنح لها وسام "ابن باديس للإعلام والثقافة" الذي باشر بتنظيمها قسم الإعلام هذه السنة؟
شرف لي أن أزور مستغانم ولأول مرة، وأشكر عميد كلية العلوم الاجتماعية ورئيس قسم الإعلام بجامعة مستغانم وكل المشرفين على الملتقى، بصراحة انبهرت بالمستوى الجامعي للطلبة، وهي مبادرة جيدة تمكن الطالب من اكتساب المعارف المتجددة، وتوسيع البحث الأكاديمي والثقافي.
كان لك تجارب مهنية عديدة بدول عربية وأجنبية، إذا طلبت منك تلخيص مسيرتكم الإعلامية والفكرية في بضع كلمات كيف تختصرها؟
صعب الإجابة على هذا السؤال، أنا إنسان بسيط يحب البحث، يظهر لي أنني انشغلت بشيء لم ينشغل به كثيرون، وبحثت فيه بطرق أخرى مغايرة تماما لما تم تقديمه من قبل، ولذلك اعتبر نفسي من المجتهدين.
إذا كنتم مطلعا عن كثب على ما يجري في الساحة الإعلامية الجزائرية، فما هو تقييمك للمستوى الإعلامي في الجزائر؟
الإعلام المكتوب في الجزائر يخطو خطوات عملاقة، مقارنة بالأجهزة الإعلامية الأخرى، نحتاج إلى تنمية وتطوير أكثر، خاصة وأن الصحافة الجزائرية تقدم مستوى إعلاميا مميزا، لكن تبقى مسألة التطوير والتنمية شيء ضروري مع الالتزام بأخلاقيات المهنة طبعا، والانضباط في هوامش حرية التعبير.
وماذا عن فتح مجال السمعي البصري في الجزائر وظهور قنوات إعلامية خاصة؟
مبادرة جيدة جدا، بالرغم من أنها أتت متأخرة مقارنة مع الدول الأخرى، خاصة الدول العربية، وفتح مجال السمعي البصري في الجزائر يدخل ضمن إطار ما يسمى المسؤولية الاجتماعية، ويجب أن تكون فيه ضوابط يتم الالتزام بها، وليس المقصود بالضوابط الرقابة، فنحن لم نصل بعد إلى هذا المستوى، أقصد بالضوابط أن يكون التعدد إيجابيا وتقديم إعلام هادف في منتهى النزاهة والموضوعية والشفافية، يعطي فرص أكثر للمتلقي واهتماما أكثر بالمضمون، خاصة في ظل التكنولوجيات الحديثة وظهور وسائل إعلامية جديدة، حيث يتوقف مستوى الفرد الجزائري على الانبهار دون الاستفادة، لكن التعدد الإعلامي مسألة جيدة تسمح بخلق المنافسة وبروز الكفاءة المهنية.
كيف تجد مستوى الطلبة مقارنة بنظرائهم بجامعات الدول الأخرى، خاصة وأنك مارست مهنة التدريس في العديد من الجامعات العربية والأجنبية والجزائرية أيضا؟
الطلبة بصفة عامة ينشغلون بالعلامات أكثر من المعرفة العلمية، نحن في الجزائر ولظروف تاريخية لم نكن نهتم كثيرا بتعدد اللغات، وهذا شيء ضروري، ينقص بالجامعات الجزائرية، من المفروض إتقان كل اللغات الممكنة، إضافة إلى ذلك تبقى مسألة المهارات في الكتابة والتركيز والتصوير هو ما ينقص في الجامعات الجزائرية لأنه يصب في المجال المهني.
هل تقصد بهذا أن التدريس الإعلامي بجامعات الجزائر يشكو من الضعف في الجانب النظري والمنهجي؟
الجانب النظري ينقصه التجديد والبحث، أنا كان لي تجربة التدريس بجامعة "فينيزويلا" انبهرت من قدرة الطلبة الفائقة على التركيز، إضافة إلى مسألة أخرى وهي قضية القيم، مسألة مهمة جدا تتعلق بالإنصات، النزاهة، الموضوعية، العبرة بالفعل، إضافة إلى كيفية تقديم الصورة إلى الآخر، هنا يبقى المشكل لأننا لا نتقن هذا العلم.
المعروف أنك اجتهدت خارج الساحة الأكاديمية الجزائرية، لكن الانطلاقة كانت من الجزائر، وذكرت في العديد من المرات أن هجرة الأدمغة إلى الخارج أمر مؤسف، لماذا لا تستثمر خبرتك المهنية والفكرية في الجزائر؟
هجرة الأدمغة بصفة عامة إلى الخارج، وسبب مغادرتي أرض الوطن باتجاه دول عربية أخرى هي نتاج أوضاع معيشية، وكان هدفي منها تحسين الوضع، وأهم شيء بالنسبة لي الاستقرار، واعتقد أن الهجرة سببها في الأصل الظروف المعيشية.


الدكتور عزي عبد الرحمان في سطور
عبد الرحمن عزي أكاديمي وباحث إعلامي من الجزائر، من مواليد 1954، بقرية بني ورثيلان التي أنجبت العديد من العلماء والفقهاء، درس الابتدائي بمسقط رأسه، ثم انتقل الى ثانوية عمر ابن الخطاب بالبليدة، تحصّل على شهادة ليسانس في الصحافة عام 1977، وواصل الدكتوراه في سوسيولوجيا الإعلام ثم سافر الى أمريكا، عاد البروفيسور ليدرس بجامعة الجزائر، عمل محررا بجريدة "الشعب" لمدة سنتين، وترأس المجلس العلمي بجامعة الجزائر، لديه أكثر من 15 كتابا، وهو صاحب نظرية "الحتمية القيمية في الإعلام".. ومن مؤلفاته: "قراءات في نظرية الاتصال" من إصدار مركز دراسات الوحدة العربية. "الإعلام وتفكك البنيات القيمية في المنطقة العربية والإسلامية"، من إصدار الدار المتوسطية للنشر ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم. وصدرت له ثلاثة كتب عن نظرية الحتمية القيمية في الإعلام. مارس مهنة التدريس الإعلامي بالعديد من الجامعات بالدول العربية والأجنبية.

المصدر: جريدة الجزائر نشر يوم الاحد 29 أفريل2012م. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية والكيفية

أ.د فضيل دليو جامعة قسنطينة3 مقدمة   من المعروف أن البحوث في العلوم الاجتماعية قد تصنف تبعا لمؤشر طبيعة البيانات المستخدمة إلى بحوث كمية وبحوث كيفية. تَستخدِم الأولى تقنيات كمية مباشرة وتلجأ إلى العد والقياس والإحصاء... أما البحوث الكيفية فهي غالبا ما تخلو من التكميم والقياس، ولا تستعمل التحاليل الإحصائية بل تعتمد على التحليل الكيفي وتركز على الفهم من خلال التفاعل مع الموضوع والظاهرة المدروسة.

أهم ثمانية كتب حول نظريات علوم الإعلام والاتصال

باديس لونيس كثرت في الآونة الأخيرة حركة التأليف في مجال علوم الإعلام والاتصال بتخصصاته المختلفة في المنطقة العربية، ولكن مع هذه الحركة والحركية يبقى مجال نظريات الإعلام والاتصال يحتاج إلى مزيد من الاهتمام. ليس من ناحية الكم فقط ولكن من ناحية الكيف بشكل خاص. لأن ما يُنتج هنا وهناك صار مبتذلا بشكل واضح، بل إن الكثير من الذين استسهلوا هذا المجال لم يكلفوا أنفسهم عناء إضافة أي شيء جديد حتى ولو كان من باب تنويع المراجع أو من باب التحليل والنقد، ما يفتح الباب واسعا حول التساؤل عن جدوى التأليف مادام صاحبها يجتر ما هو موجود أصلا من دون إضافة؟ هذا فضلا عن الحديث عن السرقات العلمية الموصوفة وذلك موضوع آخر.

"جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها"، كتاب الدكتور قسايسية الجديد

تدعمت المكتبة العربية في الايام القليلة الماضية بإصدار جديد عن دار الورسم للدكتور الجزائري علي قسايسية، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر3. الكتاب جاء تحت عنوان: جمهور وسائط الاتصال ومستخدموها (من المتفرجين الى المبحرين الافتراصيين).