تعقيب البروفسور كريستنز كليفود على محاضرة د. عبد الرحمن عزي حول "الواجبات الضرورية" عند كانت و"الالزام الإيجابي" عند دراز ومفهوم "الواجب الأخلاقي" في الممارسة الإعلامية
عزيزي المحترم الفيلسوف عبد الرحمن عزي:
لقد استمعت بإمعان كبير، وحرص وتقدير عظيمين لمحاضرتكم الرائعة، ووجدتها تمثل عمقا كبيرا في التفكير لم يسبق لي أن اطلعت عليه حول موضوع القضايا
النظرية حول أخلاق الأخلاق (meta-ethics).
ومحاضرتكم حول هذا الموضوع تعكس فهمكم الجيد للقضايا الأساسية، ومعرفتكم لسبل تعليمها بكل دقة ووضوح. ولقد تميزت المحاضرة بعمق التفكير
العلمي وشمولية النطاق الذي تعالجه.
أرى أن هذه المحاضرة تعد استراتيجية لأنها جاءت في وقت حاسم في تطوير أخلاقيات وسائل الإعلام الدولية. إن مفهوم الواجب Dutyتم تجاهله و إهماله و سيئ استخدامه مع أن الواجب الأخلاقي في التاريخ الفكري للأفكار يعد الإطار النظري الأكثر قوة للأخلاق. فالنفعية في الغرب، بشتى طرقها لتجديد أخلاق الفضيلة اليوم، جعلت واجب الأخلاق مسألة ثانوية من حيث الأهمية، و هو ما لا ينبغي أن يكون.
ومقارنتكم لكل من كانط ودراز هي مقاربة تحليلية رائعة لمعالجة المسائل
الحاسمة: العالمية، واليقين، والمرونة، والتمكين، وأوامر الوحي، والولاءات
المتعددة، وتبين كيفية أن
هذه القضايا هي اللبنات الأساسية لمفهوم الواجب.
لقد طورتم مثل هذه االمفاهيم ببصيرة نافذة وتطبيق مذهل للقضايا في
الماضي والحاضر. لقد كنت
أصغي لمحاضرتكم باهتمام بالغ
و أنتم تنيرون عقلي وتنعشون
روحي . إن البعد الروحي مسألة معقدة وقد أعطيته علاجا رائعا. فبدلاً من فصل الفلسفة
الأخلاقية كما درج عليه في
السابق بجعل
الإيمان والفلسفة عدوين ، واستخلاص استنتاجات سطحية من مسار واحد فقط، تمكنتم من إثبات مقنع كيف أنها تتقاطع وتعتمد على بعضها
البعض بغية تحليلها تحليلا مناسبا.
و من خلال إجراء مقارنات
تفصيلية بين كانط ودراز، و بين عقلانية كانط والوحي القرآني، تمكنتم أيضا من إرساء القضايا المستعصية وحل الانقسامات وبناء أسس جديدة
لأخلاقيات الواجب التي يمكن أن نبني عليها
في المستقبل.
إن شرحكم المسهب لما يعني هذا الفهم الجديد
لواجب الأخلاق في الإعلام لم يسبق له مثيل في الاستثارة الفكرية . لقد تساءلتم على وجه التحديد بشأن كانط، ما
إذا كان تفسيركم للأشكال الميتافيزيقية" وأعماله الأخرى دقيقة. نعم، عند
كل نقطة، على حد سواء في التفاصيل وفي الإطار الفكري. إن توضيحكم لمفهوم المعيارية العالمية لكانط هي عالمية بمعنى الإنسانية ، يعد مثالا عن دقة أفكاركم في
تقديم مساهمة علمية دائمة في مجال الأخلاقيات.
إن متابعة المحاضرة والتعليق عليها يعد شرفا عظيما لي. وإنني أتطلع بشوق
لليوم الذي يمكن أن نناقش فيه معا
هذه القضايا بصفة شخصية
ويمكن أن أتعلم منكم المزيد.
مع وافر تقديري واحترامي.
كليفورد كريستنز
ترجمة أ.د. الجيلالي بوحمامة
المصدر: موقع نظرية الحتمية القيمية
تعليقات
إرسال تعليق